بعد تغيّر طريقة اللعب هل بدأت النهاية لأسطورة بوسكيتس مع برشلونة؟

يمثل سيرجيو بوسكيتس تطور فريد في مفهوم لاعب الوسط.. في الكرة الحديثة يختلف عادة لاعب الوسط عن شريكه على الدائرة، لاعب يمتاز بإفساد الهجمات واسترجاع الكرة، والآخر يمتاز بقدرته على صناعة اللعب والتمرير والتموقع، لكن بوسكيتس كان يجمع كل هذه الخصائص.

الخادم الأمين لأسلوب لعب برشلونة «التيكي تيكي» لاسيما بعد رحيل تشافي، لم يعد الجندي المجهول في منظومة برشلونة، بل الجندي المعلوم الذي ترتكز عليه كل أفكار مدربي البارسا في منطقة المناورات، التي يتفوق فيها فريق كتالونيا.

لكن أدوار بوسكيتس لم تعد كما كان في السابق، بتغير أسلوب برشلونة بشكل عام، إذ بات الاعتماد على بوسكيتس هذا الموسم تحديدًا أقل بكثير مما كان في السابق.

وبات واضحًا التغيير الحاصل في أسلوب لعب برشلونة، إذ بات يلجأ النادي الكتالوني للأسلوب المباشر في اللعب، وهو ما يحد من تأثير بوسكيتس، هذا لا يمنع أنه لا يزال ركيزة أساسية، لكنه لم يعد النقطة التي يرتكز عليها أسلوب برشلونة.

دور خط الوسط في برشلونة أصبح متوقفًا على أمرين، استرجاع الكرة بأسرع وقت ممكن ثم إيصالها بشكل سليم للثلاثي «نيمار، ميسي، سواريز».

برشلونة لم يعد يعتمد على الكثير من التمريرات في خط الوسط، تخطى فكرة أن يترك الكرة في حوزة لاعبي الوسط لفترة طويلة، فقط امنحوا الكرة بسرعة للثلاثي الأمامي واتركوا لهم المهمة!

الأرقام تؤكد هذه الحقيقة، فمتوسط تمريرات بوسكيتس في موسم 2011/2012 (الموسم الأخير لبيب جوارديولا) بلغ 83 تمريرة في المباراة الواحدة، هذا الموسم متوسط تمريراته انخفضت بصورة رهيبة وبلغت 73.3 تمريرة في المباراة الواحدة.

التراجع ليس وليد اليوم، ففي موسم 2014/2015، بلغ متوسط تمريراته في المباراة 80.1 تمريرة، في موسم 2015/2016 بلغ 75 تمريرة، وهذا الموسم انخفض أكثر!

بوسكيتس أيضًا لم يعد صاحب التفوق في دقة التمرير، فبدقة تمرير 91% في الدوري الإسباني هذا الموسم، يأتي خلف الثنائي توني كروس بدقة تمرير (92.7%)، روكي ميسا بدقة بلغت (92.1%).

نهج إنريكي الجديد في اللعب المباشر، يعني أنه سيكون هناك عدد قليل من اللاعبين حول بوسكيتس في وسط الملعب، وهو ما يُزيد من استهداف بوسكيتس من قبل لاعبي الخصم من خلال الضغط عليه، كما فعل مانشستر سيتي في مباراة ملعب «الاتحاد»، بيب جوارديولا فهم أن بوسكيتس -بتغير أسلوب لعب برشلونة- قد يكون ثغرة، لا نقطة قوة.

بوسكيتس يتم كشفه بسهولة لتراجع الدور الدفاعي لإيفان راكيتيتش، إضافة لأن إنريكي في أسلوبه الجديد يلعب كثيرًا بعناصر في الوسط أصحاب نزعة هجومية كبيرة مثل توران ودينيس سواريز وأندريه جوميش وأندريس إنييستا، وبوسكيتس مهما صمد سينهار أمام خصم بمقدوره الخروح بسرعة من مناطقه، وما أكثرهم.

نعود لمباراة مانشستر سيتي في ملعب الأخير كمثال، ارتكب بوسكيتس أخطاءً ساذجة غير معهودة عليه في وسط الملعب تسببت في فرص محققة للسيتي، خسر الكرة 3 مرات، وخسر السيطرة في 6 مناسبات أخرى.

ما فعله جوارديولا، جعل بعض فرق الدوري الإسباني تلجأ لتكتيك مماثل وتفهم من أين تؤكل كتف البارسا، ففي المباراة التي خسرها برشلونة أمام سيلتا فيجو، دقة تمريرات بوسكيتس بلغت 89.8%، ولمس الكرة 60 مرة فقط، وهو معدل مخيف جدًا للاعب.

حتى أن خط وسط ألافيس، الذي فاز على ملعب الكامب نو، جعلوا بوسكيتس يُعاني مع الكرة، إذ خسرها مرتين.

الدلالة الأكبر على تراجع دور خط وسط برشلونة ككل ظهر الموسم الماضي، وليس في الموسم الحالي فحسب، برشلونة بات يعتمد أكثر على الـMSN أكثر من لاعبي الوسط حتى في صناعة اللعب والأهداف.

في الدوري الإسباني الموسم الماضي، ثلاثي خط الوسط الأساسي لم يُسجل سوى 8 أهداف ومرر 10 كرات حاسمة، في المقابل سجل ثلاثي المقدمة 90 هدفًا وصنعوا 44 هدفًا!

في السابق كان وسط ملعب برشلونة بقيادة إنييستا وتشافي يقومان بصناعة الأهداف، وترك المهمة للهجوم للتسجيل، لكن الآن هجوم برشلونة هو من يصنع ويسجل في الوقت نفسه، وباتت جُل مهام لاعبي الوسط استرجاع الكرة، ووضعها لهم!

ما يمر به بوسكيتس يعكس القضية الأشمل في برشلونة، وتغيير أسلوب لعب الفريق، ففي ظل انخفاض توهج اللاعب وغياب البديل، يجعله مطالبًا بالمشاركة في جُل المباريات، ولا يدخل سوى نادرًا في نظام المداورة، ومن خلال ذلك يتأثر بدنيًا ومن ثم فنيًا، كل هذا ناهيك عن تغير أسلوب برشلونة، فنحن قد نشهد بداية النهاية لأسطورة بوسكيتس!